تعديل

السبت، 7 نوفمبر 2020

أسس ومبادئ التدريس

أسس ومبادئ التدريس

 

التدريس موهبة وعلم: 
     لم يعد التدريس مهنة روتينية يتخذها البعض كوظيفة لتوفير حاجات مادية معينة، بل أصبح موهبة وعلماً في آن واحد. 

ومهما يكن السبب وراء تطور التدريس، فإن دخول المدارس الفلسفية والنفسية إلى عالم التربية قد أدى بعملية التدريس التي تدرجت من أعماق التاريخ وانتقلت من جيل إلى آخر بالتقليد أو التمهن ، لمزيد من التقدير والاهتمام حيث أصبح ينظر إليها الآن كفن وعلم لها أسسها ومبادئها ونظرياتها. فالتدريس فن يظهر من خلاله المعلم قدراته الابتكارية والإبداعية والجمالية في التفكير واللغة والحركة التعبيرية والاتصال والتعامل الإنساني، فهناك على سبيل المثال معلم يمتاز بقدرة عالية على إنتاج نماذج فكرية وعقلية، فهو بهذا فنان مفكر، وهناك آخر يمتاز ببلاغته اللغوية فتراه خطيباً لبقاً يجذب كل من حوله من المستمعين، ومعلم ثالث يستشهد بمهارته الفائقة في الكتابة أو الرسم، ورابع معروف بشخصيته المحببة لمعاملته الإنسانية المميزة في الفصل وخارجه، وخامس يمتاز بأسلوبه التعليمي الذي يحفز التلاميذ الأقل تحصيلاً واستعداداً، فكل واحد من هؤلاء المعلمين هو فنان فيما يقوم به، والتدريس :اي أداء عملي يتيح المجال عادة لإظهار ورعاية مثل هذه القدرات الفردية الخلاقة، وغيرها. 

وقد أصبح ينظر إلى التدريس كذلك كعلم من العلوم مثل الهندسة والطب وغيرها للأسباب التالية: 
(1) إن التدريس لا يتم عشوائياً أو اجتهاديا أو روتينياً، بل يتم على أسس علمية وعملية هادفة، فالآراء أو الحلول العلمية الإبداعية تنتج عادة من تعمق المعلم في تخصصه، وبلاغته اللغوية في الحديث أو الكتابة تنبع في الواقع من إطلاعه الواسع على أصول اللغة وتمكنه من تفاصيلها، وكذا الحال في التعامل الإنساني من فهمه وتقديره لماهية الإنسان والمجتمع من خلال علمي النفس والاجتماع وغيرهما. 
إن ما نود تأكيده هو أن قدرة المعلم الفنية في التدريس ترجع في أصولها إلى علم أو أكثر من العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية أو التطبيقية. أما كون هذه القدرة الفنية هادفة، فتعني بأن المعلم لا يستخدمها بمعزل عن التلاميذ الذين يدرس لهم ، بل لتحقيق تغيير محدد في شخصياتهم فكرياً أو مهارياً أو عاطفياً أو اجتماعيا.
(2) إن التدريس قد أصبح نظاماً يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات. 
(3) إن عملية التدريس لا تتوقف على إعطاء معلومات للتلاميذ خلال فترة محددة، بل تعداها إلى بحث تأثير متغيرات تدريسية Teaching Variables على أخرى، للتأكد من نوعية العلاقة التي تربط فيما بينها، حتى يتمكن المربون بهذا البحث العلمي من اختيار المحتوي والطرق والأنشطة التعليمية على أسس بناءة وسليمة. 
(4) إن التدريس لم يعد عملية بسيطة، بل أصبح عملية اجتماعية معقدة ومتداخلة مكونة من عدة متغيرات يؤثر بعضها على الآخر، من هذه المتغيرات ما يلي: 
أ‌) المتغيرات السابقة Presage variables التدريس ، وتتلخص في خصائص المعلم مثل: الجنس ، والعمر، والخلفية الاجتماعية، ومستواه الأكاديمي والتربوي والثقافي العام. 
ب‌) متغيرات البيئة التعليمية Context Variables مثل: مستوى التلاميذ، أو عمرهم ومعرفتهم السابقة للتدريس ، والمادة المنهجية، ونوع الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها ، وحجم الفصل، وخصائص الغرفة الصفية. 
وتجدر الإشارة بأن المتغيرات السابقة للتدريس ومتغيرات البيئة التعليمية تشكل معاً مدخلات عملية التعليم.
جـ) متغيرات العمليات أو التنفيذ Process Variables وأهم هذه الأنواع طرق ووسائل التعليم وأساليب تفاعل المعلم والتلاميذ بعضهم مع بعض. 
د) متغيرات الإنتاج والتحصيل أو المخرجات (Output) والمتمثلة في نوع ومقدار التعلم الذي تحقق من جراء عملية التدريس، وتشكل مخرجات عملية التعليم. وبالرغم من تأكيدنا الحالي بأن التدريس هو موهبة وعلم وفن في آن واحد، إلا أن المربين قد انقسموا في نظراتهم له ، فمنهم من يعتبره موهبة يعتمد عليها في التصرف والتعامل، ومنهم من يعتبره فنا يقوم المعلم خلاله بصقل شخصيات التلاميذ وتطوير عادات جديدة لديهم، ومنهم الآخر من يشير بقوة إلى أن التدريس هو علم تطبيقي يتقدم عملياً حسب مبادئ ونظريات نفسية وتربوية محددة، ويضيفون بأنه لا يمكن لأية مهنة أن تتصف بالكفاية والفائدة بدون كونها علمية، ولهذا فقد قام هؤلاء المربون حديثاً بدراسة عوامل ومتغيرات التدريس للتحكم فيها وكشف تأثير بعضها على بعض، مما جعل من التدريس نفسه حقلاً علميا وعمليا متخصصاً بالإضافة إلى كونه فنا من الفنون. 

 والتدريس كعلم تطبيقي مدين بهويته التربوية المتخصصة في واقع الأمر إلى عدد من العلوم الإنسانية والطبيعية، حيث من غير الممكن فهم معطياته المختلفة وتخطيط نظامه وعملياته دون الأخذ بعين الاعتبار ما تقدمه العلوم الأخرى من تصمينات نظرية وتطبيقية. 

أسس التدريس: 
1-  والتخفيف على المتعلمين: 
الله – سبحانه وتعالى- لن يشرع أمراً إلا يسر على العاجزين بتشريع أخف منه، فالصيام مفروض على الصحيح المقيم، ومن كان مريضاً فله أن يفطر، ومن كان مسافراً فله أن يفطر، على أن يصوم كل منهما أياماً أخر تقوم مقام الأيام التي أفطر فيها، وفي هذا السياق قول الحق تبارك وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ]البقرة : 185[.
والله – سبحانه وتعالى – لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يحملها شيئاً فوق طاقتها، وفي هذا نجد قوله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" ]البقرة: 286[.
ومما يؤكد هذا الأمر حرص الرسول صلى الله عليه وسلم في شتى المناسبات والمواقف على إيجاد الطرق والوسائل الترغيبية، وعلى إيجاد كل العوامل التي تيسر على الناس فهم شريعتهم، ليس هذا فحسب، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحث الناس دائماً على التيسير والتخفيف على المتعلمين، ولنا في هذا الصدد أدلة وشواهد كثيرة تؤكد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه المسألة، فمن ذلك ما روته عائشة – رضي الله عنها- قالت: "ما خُيًر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلاً أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً" ]انظر في: سراج محمد عبد العزيز، 1993م، 69-70[.
والرسول صلى الله عليه وسلم بهذا يبين لنا منهاجاً تربوياً أساسياً، وهو أن يعمل كل من ينتمي إلى مهنة التدريس على أساس التيسير والتخفيف لتمكين المتعلمين من حقائق دينهم. 
(1) تحقيق المصلحة والفائدة للمتعلمين: 
أن من أسس عملية التدريس مسألة تحقيق المصلحة، الفائدة للناس جميعاً، ونحن إذا ما رجعنا إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وتقريره، ولو فكرنا فيها لوجدنا أن الغاية من هذه الأقوال والأفعال وذلك التقرير هو توفير المصلحة للناس، فتوضيح وبيان العبادات على اختلاف أنواعها في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الغرض منها التهذيب الروحي وإنشاء رابطة قوية بين الإنسان وربه، إلى جانب ما فيها من روابط اجتماعية وتنمية الصلات الإنسانية بين الناس ، وإن حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توضيح ما شرع الله تعالى من معاملات للناس، فإن الغرض من ذلك تحقيق التبادل بين الناس وتحقيق المنافع بينهم. ومدرسة النبوة حينما تقيم تدريسها وتعليمها على هذا الأساس، فإنها بذلك تعمل على "تمكين كل ذي قدرة أو قوة من أن يعمل بمقدار طاقته، بحيث تهيئ الفرص المناسبة لكي تظهر كل القدرات أو القوى، وتضع كل قدرة أو قوة في مرتبتها". ومدرسة النبوة تهتم بهذا الأساس لإدراكها التام لقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ ]المائدة:2[، وكذا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ ]الحجرات: 10[، فالتعاون والأخوة أمران مترابطان وعماد كل ذلك المصالح المشتركة والمنافع لا تشوبها شائبة الاستعلاء أو المن. 
(2) العدل بين المتعلمين: 
إن من الأسس التي ارتكز عليها التدريس في مدرسة النبوة، ذلك الأساس الذي يدعو إلى العدل والمساواة بين المتعلمين، والرسول صلى الله عليه وسلم اهتم بهذا الأمر تمشياً مع توجيها القرآن الكريم والتي ِأهابت بضرورة العدل والمساواة بين الناس، فمن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" ]النساء: 58[، والرسول صلى الله عليه وسلم حينما يجعل العدل أساساً للعمل التدريسي إنما ذلك ليقينه "أن سلب الحقوق الطبيعية لأي مخلوق إنما هو ظلم صريح" ، وليقينه عليه السلام بأن عدم العدل" في تقسيم الحقوق وإعطاء كل ذي حق حقه يسبب البغضاء والتفكك في اي مجتمع من المجتمعات الإنسانية" ]انظر في : سراج محمد عبد العزيز، 1993 ، 73[. 
ومن هنا نجده صلى الله عليه وسلم يثبت قواعد العدل وبين في أفعاله انتساب الناس جميعاً لآدم، وآدم من تراب ، والناس سواسية، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. 

(3) التدريج مع المتعلمين ومراعاة مستوياتهم والفروق الفردية: 
يعتبر التدرج سمة أساسية من سمات التدريس باعتباره عاملاً هاماً من عوامل تربية المتعلمين، وهذه المدرسة تهتم بهذا الأساس لإيمانها بأن عملية التدرج هي إحدى العوامل التي تساعد على حسن التقبل للمعلومات والمعارف والمهارات، وفوق هذا كله فإن مدرسة النبوة تهتم بالتدرج لأنه منهج القرآن الكريم في التربية الحقة، إذ من المعروف أن القرآن الكريم سلك هذا المسلك ليسهل على الناس أمور دينهم، وليسهل عليهم معرفة الكثير من الأمور في وعي وإدراك تام، وفي هذا نجد قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ ]الفرقان: 32[.
وجدير بالذكر أن مدرسة النبوة حينما تهتم بمسألة التدرج في التدريس فإنها تسعى لأن تجعل كل القضايا والأحكام أخف على النفس مما لو قدمت دفعة واحدة، وبالتالي تكون أدعي إلى العقول والامتثال، وفضلاً عن هذا فهي تسعى بمقتضى هذا التدرج للتيسير على المخاطبين لمعرفة الأحكام والتشريعات بغية حفظها والإحاطة بها. من كل ما سبق نستطيع القول أن التدريس يقوم على مجموعة من الأسس الفعالة التي إذا أخذ بها أي معلم في الوقت الحاضر لاستطاع أن يجعل التدريس تدريساً فعالاً، ومن هنا نستطيع القول أن على كل من ينتمي إلى مهنة التدريس أن يلتزم بهذه الأسس فقد أثبتت جدواها وقدرتها على تحسين مستوى التدريس والارتقاء به. 

مبادئ التدريس الحديث أو المعاصر:
بينما يركز التدريس التقليدي على دور المعلم والمحتوي الدراسي في انجاز العملية التعليمية، وعلى أهمية حشو المعلومات في أذهان التلاميذ ، متجاهلاً في معظم الأحيان مدى فائدتها لحياتهم اليومية أو صلتها برغباتهم وحاجاتهم، وبينما يقصد بالدرجة الأولى كذلك إلى إعداد الفرد للمجتمع كهدف أسمى للعملية التعليمية دون اعتبار يذكر لكيفية هذا الإعداد أو مادته أو إجراءاته، فإن التدريس الحديث أو المعاصر يتصف بالمبادئ التالية: 
(1) يمثل التلميذ في التدريس الحديث أو المعاصر محور العملية التعليمية، دون المعلم أو المنهج، ينظر التدريس الحديث إلى تلاميذ المدرسة كممثلين للمجتمع الواسع، وإن مراعاته لرغباتهم وميولهم وحاجاتهم العلمية والنفسية والاجتماعية يؤدي بطبيعة الحال إلى انتاج مجتمع مدرسي أفضل، تنعكس نتائج إنجازاته وسلوكه عاجلاً أو آجلاً على المجتمع بنمو الإيجابي والإستمرار والتقدم. 
(2) يلائم التدريس الحديث مبادئه وإجراءاته لحالة التلاميذ العقلية والوجدانية والجسمية، فيستخدم مع المتأخرين دراسياً مبادئ وطرقاً تختلف عن تلك المستخدمة مع العاديين أو ذوي الذكاء المرتفع. 
(3) يهدف التدريس الحديث إلى تطوير المستويات العقلية والوجدانية والجسمية للتلاميذ بصيغ متوازنة، مراعيا أهمية كل منها لحياة الفرد والمجتمع، دون حصر اهتمامه أبداً لتنمية مستوى واحد فقط من هذه المستويات على حساب الأخرى. يجسد التدريس الحديث مسؤولية تربوية تركز على إعداد الإنسان الصالح ذي الشخصية الفاعلة المتكاملة. 
(4) يهدف التدريس الحديث إلى تنمية كفايات التلاميذ وتأهيلهم للحاضر والمستقبل ولا يحصر نفسه بأية حال في دراسة الماضي وتعليمه لذاته، بل يستخدمه كوسيلة لفهم حوادث الحاضر والإعداد للمستقبل.
(5) يمثل التدريس الحديث مهمة علمية مدرسية تبدأ بتحليل خصائص التلاميذ وتحديد قدراتهم، ثم تطوير الخطط التعليمية واختيار الوسائل والأنشطة والمواد التعليمية التي تستجيب لتلك الخصائص ومتطلباتها، ويتولى كذلك تقييم العملية التعليمية من بدايتها إلى نهايتها لتحديد مواطن القوة والضعف فيها للاستفادة من ذلك في المستقبل. 
(6) يبدأ التدريس الحديث بما يملكه التلاميذ من خبرات وكفايات وخصائص، ثم يتولى صقلها وتعديلها أو تطوير ما يلزم منها، مراعياً قدرة كل تلميذ على التعلم وسرعته الذاتية في التحصيل. 
(7) يهدف التدريس الحديث كعملية إيجابية مكافئة إلى نجاح التلاميذ بإشباع رغباتهم وتحقيق طموحاتهم، لا معاقبتهم نفسياً وجسميا أو تربوياً بالفشل والرسوب كما هو الحال في الممارسات التعليمية التقليدية، إننا نؤكد بأن كل فرد في المجتمع أيا كان مستوى ذكائه وخلفيته الاجتماعية والاقتصادية، يمتلك قدرة وذكاء معينين، كما أنه يستطيع القيام بدور بناء في المجتمع الذي يعيش فيها متلائماً بالطبع مع خصائصه وقدراته الفردية، وأن عجز التربية وعدم محاولتها تشغيل كل الطاقات في المجتمع والاستجابة لها وتنميتها يمثل عاملاً رئيساً لعجزها المستمر في أداء واجبها، واتصافها المتواصل بالروتين وعدم الفعالية. 
(8) يسمح التدريس الحديث كعملية اجتماعية بتفاعل أفراد الفصل والابتكار والإبداع على أسس عادلة ومبادئ التقدير والاحترام المتبادل، يشاركون معاً خلال التفاعل الاجتماعي بخبراتهم الفردية، ويتعاونون في تخطيط وتنفيذ وتقييم فعالية العملية التربوية التي هم بصددها، يتم التفاعل الصفي البناء وتشجيعه في التدريس من خلال العمليات التالية: 
أ) ترتيب المعلم لتجهيزات الغرفة الصفية بصيغ تسمح معها رؤية التلاميذ بعضهم لبعض وتفاعلهم الاجتماعي المباشر والبناء معاً. 
ب) تشجيع المعلم لمشارك التلاميذ باقتراح القرارات التدريسية أو الإسهام في صناعتها. 
جـ) توفير المعلم لجو طبيعي بعيد عن التوتر يشجع تفاعل التلاميذ بعضهم مع بعض فرادي وجماعات. 
د) تشجيع المعلم لاقتراحات التلاميذ المعارضة له دون استياء أو مقاومة. 
هـ) صياغة الحلول والقرارات الصفية بواسطة الإجماع الحر دون اللجوء إلى القوة أو فرض رأي علي رأي. 
و) اعتبار المعلم نفسه عضواً في الفصل يشارك في قراراته ومسئولياته، ولا يستبد بآرائه وخططه وإجراءاته. 
ز) اعتبار عملية التقييم وتحديد إجراءاتها ووسائلها وأهدافها مسئولية مباشرة لجميع أفراد الفصل. 
(9) يراعي التدريس الحديث التعلم الذاتي والفردي والفروق الفردية في مدخلاته وممارساته ومخرجاته ويوظف بهذا الصدد المفاهيم التالية: 
أ) معرفة خصائص التلاميذ العقلية والجسمية والوجدانية والقيمية. 
ب) توفر التجهيزات المدرسية وتنوعها. 
جــ) تنوع الأنشطة والخبرات التربوية التي تحفز مشاركة التلاميذ وإقبالهم على التعلم. 
د) استعمال المعلم للتكنولوجيا والوسائل التعليمية المتنوعة التي تتوافق مع أكبر عدد ممكن من التلاميذ، ويقرر بواسطتها نوع ومقدار التعلم للتلاميذ ومدى فعاليته. 
هــ) تنوع أسئلة المعلم من حيث اللغة والمستوى من تلميذ إلى آخر ومن مجموعة صغيرة إلى أخرى. 
ز) سماح المعلم للتلاميذ بأن يقوم كل منهم بالدور الذي يتوافق مع خصائصه وقدراته، ثم اختيار النشاط التربوي الذي يتفق مع هذه الخصائص والقدرات. 
ح) تنويع المعلم لمقدار الوقت المسموح به للتعلم من تلميذ إلى آخر حسب حاجة كل منهم المعرفية وسرعاتهم الذاتية في التحصيل. 
(10) يتميز التدريس الحديث بالاستخدام المتنوع لوسائل التقييم للحصول على تغذية راجعة من التلاميذ بخصوص عناصر العملية التعليمية ومدى فعاليتها، ولتزويدهم بتغذية راجعة أخرى تتعلق بنوع ومقدار إنجازهم. 
(11) يتكون التدريس الحديث كنظام تربوي – من خطوات متسلسلة وأعمال سلوكية هادفة ومتداخلة يعتمد كل منها على الآخر، ويتأثر به في خصائصه ومعطياته، يتألف هذا النظام من ثلاثة أجزاء متتابعة في الشكل التالي:

شكل (2-1): التدريس الحديث أو المعاصر كنظام يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات 

(12) يستخدم التدريس الحديث أسلوب التدرج والاستقراء والاستنباط في التربية، ويتم هذا بواسطة ما يلي: 
- التدرج من المحسوس إلى المجرد. 
- التدرج من البسيط إلى المركب. 
- التدرج من الجزء إلى المجهول. 
- التدرج من الجزء إلى الكل. 
- تقديم الحقائق قبل المسببات والعموميات.
- تقديم التجارب والأمثلة التوضيحية قبل المبادئ والأحكام والقوانين والنظريات. 
- الاستخدام الأمثل لأسلوب المقارنة ولمظاهر التشابه والاختلاف بين الأشياء. 
(13) يستفيد التدريس الحديث كعلم تطبيقي من نتائج الأبحاث والدراسات العلمية والتربوية المختلفة، ويراعي باستمرار تعديل وتطوير مبادئه وممارساته على أساس هذه النتائج. 
(14) تتميز قنوات الاتصال في التدريس الحديث أو المعاصر والانفتاح والتشعب وتعدد الاتجاهات، بحيث تربط بين المعلم كعضو مساهم في العملية التربوية- والتلاميذ كل حسب قدرته العقلية واللغوية. 
(15) يتصف التدريس الحديث بكونه عملية كلية متكاملة شاملة تأخذ في اعتبارها كافة مؤثرات وعوامل العملية التعليمية من معلم وتلاميذ وأسرة ومنهج وبيئة مدرسية. 
(16) يراعي التدريس الحديث في أفراد التلاميذ القدرة الذاتية على التعلم، فلا يحصر دوره في تطوير الفرد وإعداده للمجتمع أو تعليمه مهارات تفيده في حاضره ومستقبله، بل يتعداها لتنمية شخصيته المستقلة والرغبة الفطرية على البحث والتعلم المستمرين. 
(17) يمثل التدريس الحديث عملية نشطة تعتمد على الخبرة المباشرة والواقعية العملية للتلاميذ كوسيلة رئيسة لها. 
(18) يتصف التدريس الحديث بالمرونة والقابلية للتعديل والتطوير، كلما اقتضته ظروف الموقف التعليمي ومجرياته.
(19) يهدف التدريس الحديث إلى كشف طاقات التلاميذ وتشجيعهم على استثمارها، كما يحثهم على المشاركة والقيام بمسئولياتهم وإثارة فكرهم وآرائهم وعواطفهم وميولهم وهو بهذا ليس عملية تلقينية هدفها حشو المعلومات والحقائق العلمية في أذهان التلاميذ. 
(20) يتصف التدريس الحديث بكونه عملية صقل وبناء إنساني، تستخدم مع التلاميذ مواقف تربوية تتطلب منهم جهدا جاداً وفكراً أصيلاً، وهو على هذا الأساس ليس عملية روتينية سهلة ينجح التلاميذ نتيجتها تلقائيا دون عناء، أو باستخدامهم طرقا ووسائل غير مناسبة، بل إنه عملية تربوية هادفة وأمينة. 
(21) يتصف التدريس الحديث بالابتكار والإبداع والتجديد، فهو يشجع تنوع الآراء والحلول عن طريق استخدام ما يلي: 
أ‌) توفير وقت كاف للتلاميذ للتفكير وإنتاج الحلول الفردية. 
ب‌) استخدام عدد وافر ومتنوع من المواد والوسائل التعليمية. 
جـ) توفير البيئة التعليمية المشجعة للبحث والتجربة والاكتشاف العلمي والتحقق لكشف صلاحية الآراء والحلول المقترحة. 
د) توفير البيئة التعليمية المفتوحة التي ترعى – دون تحفظ – كل جديد بناء لتعلم ونمو التلاميذ. 
هـ) توفير البيئة التعليمية التي تستخدم الأسئلة المفتوحة ذات الإجابات المتعددة. 
و) توفير البيئة التعليمية المحفزة للمبادرات والمسئوليات الفردية. 
ز) توفير البيئة التعليمية المشجعة للتخمين والتنبؤ والافتراض من قبل التلاميذ دون شعورهم بالخوف أو الارتباك أو المعاقبة على الاجتهاد أو خطأ الرأي أحياناً. 
ح) رعاية السلوك والمقترحات الفردية للتلاميذ بتحفيزها نفسياً ومادياً في الوقت وبالإجراء المناسبين. 

(22) يتصف المعلم في التدريس الحدي بكونه إنساناً مؤهلاً يتم إعداده علمياً وتربوياً وثقافياً واجتماعياً، لا موظفاً يؤدي وظيفة روتينية.

علاقة التدريس بعناصر المنهج:
إن التدريس هو العنصر الثالث من عناصر المنهج الأربعة: الأهداف، والمحتوي، والتدريس، والتقويم وبين هذه العناصر الأربعة علاقة تكاملية تبادلية، وكل عنصر من هذه العناصر يؤثر ويتأثر بالعناصر الأخرى، ولكل عنصر من هذه العناصر أهمية قائمة بذاتها لا يمكن إغفالها إلا أنها تشكل كل واحدة لا يتم أي منها إلا بوجودها مع بعضها البعض.
 ونشبه الأهداف بالمصباح الذي يضئ الطريق لعناصر المنهج الأخرى، وعليه فإن تحديد الأهداف حتى ولو كانت أحسنها وأفضلها، واختيار الخبرات والمعلومات والمهارات المناسبة لها لا يكفي إن لم يتبعها تدريس جيد ينقل ما في المنهج من خبرات ومعلومات.
 فالأهداف بدون التدريس تصبح مجرد عبارات رنانة ، إذن فالعملية التعليمية أمر مهم، والتفاعل بين المعلم والمتعلم أمر ضروري لبلوغ الأهداف.
 إن وجود معلم يقوم بتنظيم العملية التعليمية – التعلمية ، وتنسيق الجهود ، لإضفاء المعاني والمشاعر والأحاسيس على ما يحتويه المنهج من خبرات مخططة أمر لا مناص منه في العملية التعليمية. 

الفرق بين التدريس والتعلم: 
إن الفرق بين التدريس والتعلم يتضح من زاوية الاهتمام، فالمعلم يقوم بعملية التدريس، والطلاب يتعلمون، ومع ذلك فإن المعلم يتعلم وهو يعلم، والطلاب يعلمون وهم يتعلمون، ويشير التدريس إلى المعلم بينما يشير التعلم إلى الطالب، فالتدريس عملية منظمة مقصودة ومخططة، وقد تؤدي أو لا تؤدي إلى تعلم الطلاب، والتعلم قد يحدث بطريقة غير مقصودة. فالتعليم الجيد إذن هو الذي ينتج عنه تعلم كل من المعلم والمتعلم، ومن هنا حصل التداخل بين التعليم والتعلم، فبالرغم من أنهما يمثلان شيئاً واحداُ هو العملية التربوية، إلا أن زاوية الاهتمام هي التي تحدد هل هو تعلم أم تدريس. 

تعريف التعلم: 
هو عملية افتراضية، أي إنها عملية غير ظاهرة في ذاتها، وإنما يستدل عليها بنتائجها وآثارها، ومثلها في ذلك كالكهرباء والحرارة في العلوم الطبيعية لا تلاحظ مباشرة وإنما يستدل عليها عن طريق آثارها أو نتائجها. 
ويمكن أن يحدث التعلم بطريقة غير مقصودة وفي أي وقت وفي أي مكان، فتغير أو تعديل سلوك الفرد وأدائه بعد المرور بخبرة معينة أو تعلم موضوع معين، أو القيام بتدريب معين يشير إلى أن هذا الشخص قد تعلم فكرة معينة أو اكتسب مهارة معينة أدت إلى تغير سلوكه وتحسين أدائه وتطوير شخصيته، ومن هذا المنطلق نخلص إلى تعريف التعلم بأنه: التغير أو التعديل الناتج في سلوك الفرد نتيجة المرور بخبرة معينة. 

التعليم كنشاط اجتماعي:
يشير (جابر عبد الحميد ، 35،1998) إلى ظاهرة التعلم من حيث تأثيرها على الفرد، ولكن معظمنا يتعلم قدراً كبيرا في السياقات التي تتضمن وتتطلب أناساً آخرين سواء أكانوا آباء أو معلمين أو أصدقاء أو زملاء، وبحث كيف يعمل التأثير والتأثر في هذه الظروف مسألة صعبة، لأنها ليست متاحة عادة للضبط التجريبي، وليس من السهل دائماً أن نتوقع من الذي يؤثر في الآخر، وإذا كان علينا أن نبحث كيف تؤثر سلوكيات معينة لدى المعلم في المتعلمين فإن علينا أن ندرك إمكانية أن يكون شخص فعالاً مع طفل وأقل فاعلية مع طفل آخر، وقد يكون هذا بسبب الفروق الفردية بين الأطفال، مما يجعل بعض التفاعلات أيسر من البعض الآخر، وأن الفروق لا تكون في القدرات المعرفية وحدها كالذاكرة أو الاستراتيجية الميتامعرفية، بل وتكون كذلك في الكفاءات الاجتماعية، والاستقرار الانفعالي، ومن الحجج الهامة التي تساق ضد استخدام العقاب كأسلوب سلوكي أنه يثير القلق مما يعطل عملية التعلم. وينبغي أن نذكر أيضاً أن الأسلوب الذي يسلك به المتعلم قد يكون له آثار تبادلية عبر المعلم، ومهما كان توازن القوة أو السلطة بين فردين ، فسيكون هناك دائماً قدر من التفاعل في اتجاهين، بل إن الطفل صغير السن يستطيع أن يستثير تغيراً ملحوظاًفي سلوك الراشدين الناضجين، وذلك ببساطة بالابتسام، وقد يحفل المعلمون بفكرة أنهم يسيطرون تماماً على الصف الدراسي، لكن أساليب التدريس التي يتبنونها والطرق التي ينظمون بها حجرات الدراسة تقترح تقديماً حصيفاً لردود الأفعال السابقة، وتوقعاً لاستجابات التلاميذ اللاحقة وردود أفعالهم، والتعلم مجموعة معقدة من العمليات ويتأثر تأثرا  شديدا بالسياق الذي يحدث فيه. 

المدخل الإنساني في التعلم: يشير (جابر عبد الحميد ، 1998، 35-36) إلى أن دعاة هذا المدخل يركزون على التعلم الشخصي والتعلم الاجتماعي ونمو التلاميذ، وفي الوقت الذي يدركون فيه أهمية التعلم المعرفي، إلاً أنهم يشعرون أن المدارس تركز تركيزاً شديداً على تحصيل المعرفة وجمعها وتراكمها، وتهتم قليلاً بمساعدة التلاميذ على أن يتعلموا ليصبحوا شخصيات صحيحة نفسياً. 
إن دعاة هذه المدرسة الفكرية يريدون أولاً أن يشعر الأطفال شعوراً أفضل عن أنفسهم وأن يكونوا أكثر تقبلاً للآخرين، ولتحقيق هذه الأهداف فإنهم يرون أننا في حاجة إلى أن نتقبل كل طفل باعتباره شخصية فريدة وأن لديه مشاعر فردية وأفكاراً خاصة به، وثانياً أننا في حاجة إلى أن نساعده على أن يدرك نفسه ويدرك الآخرين كأشخاص لهم قيمتهم وجدارتهم وقدرتهم، والمعلمون الذين يتخذون هذا الاتجاه يعتقدون بصدق أن كل تلميذ له منزلته، وأنه يستطيع أن يتعلم وينمو بطريقته الخاصة. 

وتعتقد المدرسة الإنسانية فيما يأتيك 
- أن من الضروري أن يتوافر لدى التلميذ مشاعر طيبة عن نفسه حتى يتحقق نموه الشخصي إيجابياً، ولذلك على المعلمين أن يولدوا لدى تلاميذهم إحساساً باحترام الذات، وبقيمة الذات وجدارتها وبفاعليتها، أي أن يتوافر لديهم شعور بأنهم مسيطرون على حياتهم ومصيرهم. 
- أن يتوافر لدى التلميذ مشاعر طيبة عن الآخرين ؛ لأن ذلك أمر ضروري للنمو الصحي ، ولذلك يطمح المعلمون في مساعدة المتعلمين على أن يتقبلوا الآخرين ويحترمونهم، حتى ولو كانت آراؤهم وسلوكهم مختلفاً ومغايراً لآرائهم.
- تفضل المدرسة الإنسانية فكرة "ينبغي أن تطوع المدرسة نفسها لتلاءم الطفل وليس العكس، وأنه ينبغي على المعلمين أن يجعلوا التربية شخصية، وذلك بإتاحة فرص ملحوظة للمتعلمين ليقرروا ما يعملون (ما يتعلمون) وكيف يعملونه، ويرتبط بذلك وجوب أن يوفر المعلمون بنية تتوافر فيها الاختبارات، ثم يساعدوا التلاميذ ليتوصلوا إلى أنسبها وأكثرها حكمة. 
- ينبغي أن تساعد بيئة المدرسة وبيئة الصف التلاميذ على إشباع هذه الحاجات الإنسانية: الأمان الشخصي والأمن، والحب والانتماء والإنجاز. والإخفاق في الوفاء بهذه الحاجات يعوق النمو الشخصي، وله تأثير سلبي على التعلم.
- ينبغي أن يتقبل المعلمون المتعلمين (التلاميذ) في الحالة التي هم عليها، أي من حيث أن أنماطهم السلوكية ومشاعرهم وآراءهم فريدة. 
- وينبغي أن يضع المعلمون أنفسهم في مكان المتعلمين لكي يروا موقف التعلم من منظور التلميذ ، ولكي يفهموه كما يفهمه. 

التدريس لتحقيق الاستقلال الذاتي:
يشير (جابر عبد الحميد ، 1999 ، 251-254) إلى أن الاستقلال الفكري هو حجر الأساس في التدريس البنيوي (Constructivist)، واستنادا إلى هذه المقدمة أو المسلمة، يشكل التلاميذ فهمهم، ويصمم المعلمون البنيويون المهام والأنشطة التي تتيح للتلاميذ أن يستقصوا ويكتشفوا ويجربوا، وينموا فهمهم ومهاراتهم وأن يختبروا هذا الفهم في ضوء الشواهد الفيزيقية ومفاهيم الآخرين، والمعلم في هذا النوع من الصفوف ليس الحكم المفرد بسلامة وملائمة حل المشكلة، أو الموضوع المكتوب، وتصبح "الإجابات" على المشكلات الفكرية رموزاً للفهم وليست غايات في ذاتها. 
إن طريقة التدريس التي أطلق عليها ( الطريقة التركيبية أو البنيوية للمادة) تميل إلى تنمية الاستقلال الذاتي العقلي أو الفكري، وحين يرى التلاميذ تنمية المعرفة الجديدة وتقويمها باعتبار ذلك شيئاً يستطيعون عمله، وحين يسيطرون على القواعد التي تخضع لها الشواهد في العلم أو المادة الدراسية يصبحون مستقلين ذاتياً، وهم ليسوا غير عقلانيين، وإنما يتوصلون إلى قراراتهم من خلال الاهتمام الدقيق بالعوامل ذات العلاقة، وبدلاً من تعلم مجموعة من الحقائق من كتاب، قد يتعلم تلامذة التاريخ استخدام الشواهد الوثائقية لكي يسوقوا الحجج، دفاعاً عن تفسير معين للأحداث التاريخية (Wineburg and Wilson, 1990)، وقد يصمم صغار العلماء هؤلاء تجارب ليختبروا فروضاً من صنعهم ثم يناقشوا نتائجهم مع زملائهم في الصف Watson and Konicek, 1990)) والدروس التي تتعلم عن كيف يدرس التاريخ ويبحث في العلوم سوف تساعد التلاميذ على أن يصبحوا مواطنين مشاركين في الديمقراطية. 
ويبدوا أن البيئات الصفية التي تنمي الاستقلال الذاتي الفكري تشترك في بعض الملامح أو الخصائص العامة، ودور المعلم يختلف عن دوره في الصف التقليدي، وهذه الطرق تتطلب معرفة أعمق وأكبر بالمحتوي، وينبغي أن يكون المدرس مستعداً لمعالجة أسئلة التلميذ المتنوعة واهتماماته ونظرياته التي قد تتفق جزئياً فحسب مع المفاهيم والنظريات أو الوقائع موضع النقاش، والمدرس الماهر يستطيع أن يرى الروابط بين فهم التلاميذ وما يحاول تدريسه لهم، وأن يساعدهم على أن يقوموا بهذا الربط بل وأن يعمقوا ويوسعوا هذه الروابط والصلات، وحين تكون المعرفة خاضعة لسيطرة عن طريق المحاضرة وغيرها من الأساليب الموجهة من قبل المدرس، فإن هذه المرونة لا يكون لها هذه الأهمية والحيوية، والأسئلة المثيرة للاهتمام والجدلية يمكن دائماً كفها بعبارة مثل "هذه نقطة معقدة ليس من المناسب أن نتناولها الآن".

توفير سياق اجتماعي للاستقلال الذاتي: 
ينبغي على المعلمين أن يعرفوا كيف يرسخون معايير اجتماعية تتيح للتلاميذ أن يصبحوا متعلمين مستقلين ذاتياً، وتنمية الاستقلال الذاتي الفكري تتطلب احتراماً متبادلاً ، وينبغي أن يحترم المعلمون التلاميذ إذا كانوا سيصغون حقاً لأفكارهم، وإذا كان على التلاميذ أن يحترموا أفكار المعلم. إن السؤال الذي يتعلق بالاحترام المتبادل سؤال يتخطى علاقات السلطة في المدرسة، وفي مجال العلاقات الشخصية يؤكد 
الباحثون على المساواة الاجتماعية في الصف الديمقراطي حيث يتبع المعلمون والتلاميذ مبادئ واحدة للسلوك، ومثال ذلك: إذا قرر الصف أنه من غير المقبول أن يمضي في نقاش غير نظامي بينما يعمل آخرون في هدوء، ينبغي أن يكون من غير المقبول لدى المعلمين أن يعملوا هذا وكذلك التلاميذ، وهذا لا يعني أن مسئوليات التلاميذ والمعلمين واحدة في الصف الدراسي، ولا يعني أنهم متساوون في سلطتهم في الصف، فما يزال من مسئولية المعلمين مساعدة التلاميذ على وضع وترسيخ معايير وجزاءات معقولة.

 

mkm 4 shoping

أسس ومبادئ التدريس

أسس ومبادئ التدريس   التدريس موهبة وعلم:        لم يعد التدريس مهنة روتينية...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More